صدور اللائحة التنفيذية رقم (11) لسنة 2020 للقانون الاتحادي رقم (19) لسنة 2016 بشأن مكافحة الغش التجاري
يعتبـــرالاقتصاد الإماراتي أحـــد أقـــوى الاقتصادات الإقليمية، وأحـــد أهم الاقتصادات الواعدة على الصعيد العالمي، ومن الجديـــر ذكره أن الاقتصاد الإماراتي متنوع وتنافســـي ومبنـــي علـــى المعرفة و لابد من الإشارة إلـــى أن السياســـات الاقتصادية الممنهجـــة التـــي تعمل على أساســـها دولة الإمارات ســـاهمت بشـــكل كبيـــر في دعم قطاعـــات تجاريـــة وصناعيـــة متعددة فـــي الدولة لتصبح شـــريكا فاعلا في تقوية الاقتصاد الوطنـــي وتعزيز، ولكـــن الغش ّ التجاري يشـــكل إحدى أهم ّ المشـــاكل التي تضـــر بالقطاع الاقتصادي وتؤثـــر ســـلبا عليـــه، إلا أن دولة الإمارات وخصوصـــا وزارة الاقتصاد و التي ســـاهمت بشـــكل كبيـــر فـــي التصدي لمشـــكلة الغـــش التجـــاري التـــي تعتبر مشـــكلة عالمية موجـــودة بكافـــة البلدان وحتـــى القوية اقتصاديـــا منها، والتي تصيـــب القطاعات الاقتصادية والتجارية كافةً
و لذلك كان لا بـــد مـــن الإشارة إلـــى أن ّ المشـــرع الإماراتي يولـــي اهتمامـــا ً كبيـــرا لتنظيم عمل التجار وشـــؤونهم وتوفيـــر الضمانات القانونيـــة اللازمة لحماية المســـتهلك، حيث قد تناولت القوانين والأحكام مسألة الغش التجاري و ذلك من خلال تفعيل القوانين و جاء ذلك واضح بصدور القانون الاتحادي رقم 19 لسنة 2016 بشأن مكافحة الغش التجاري و الذي نصت المادة رقم (2) منه على إنه “تسري أحكام هذا القانون على كل من ارتكب غشاً تجارياً، ولا تستثنى المناطق الحرة بالدولة من تطبيق أحكام هذا القانون” كذلك نصت على إنه ” يعتبر غشا تجارياً أي فعل من الأفعال الآتية: الاستيراد أو تصدير أو إعادة التصدير أو تصنيع أو بيع أو عرض أو الحيازة بقصد البيع أو تخزين أو تأجير أو تسويق أو تداول، السلع المغشوشة أو الفاسدة أو المقلدة. بالإعلان عن جوائز أو تخفيضات وهمية أو غير حقيقية. استغلال الإعلانات التجارية أو تقديمها أو الوعد بتقديمها في الترويج المضلل والدعاية غير الصحيحة أو الترويج لسلع مغشوشة أو فاسدة أو مقلدة عرض أو تقديم أو الترويج أو الإعلان عن خدمات تجارية مغشوشة
تم تعريف الغش التجاري كما نص عليه في القانون الاتحادي رقم 19 لسنة 2016 بشأن مكافحة الغش التجاري الغش التجاري بإنه “خداع أحد المتعاملين بأية وسيلة كانت وذلك بتبديل أو تغيير ماهية السلع أو مقدارها أو جنسها أو سعرها أو صفاتها الجوهرية أو منشئها أو مصدرها أو صلاحيتها أو أي أمر آخر متعلق بها أو تقديم بيانات تجارية غير صحيحة أو مضللة عن المنتجات المروّجة، ويشمل ذلك التدليس والتقليد وغش الخدمة بعدم اتفاقها مع القوانين النافذة بالدولة أو انطوائها على بيانات كاذبة أو مضللة” و بهذا فهو يختلف عن التدليس و الذي تم تعريفه بإنه “عبارة عن استخدام وسائل احتيالية قولية أو فعلية من أحد المتعاقدين لحمل الطرف الآخر على التعاقد، أو سكوت أحد المتعاقدين عمداً عن واقعة أو ملابسة أو عيب في السلعة إذا ثبت أن الطرف الآخر ما كان ليبرم العقد لو علم بها”
ومن هذا نجد ان تعريف السلع المغشوشة كما عرفها القانون ” هي السلع التي لا تتفق مع الضوابط والشروط والمتطلبات والمواصفات والمقاييس التي تحددها القوانين واللوائح والأنظمة والقرارات النافذة بالدولة، أو السلع التي أدخل عليها تغيير أياً كان نوعه أو شكله أو مصدره أو طبيعته دون الحصول على الموافقات المطلوبة، أو التي يعلن عنها أو يروج لها بما يخالف حقيقتها ” وهو ما يختلف عن تعريف السلع المقلدة وهي ” السلع التي تحمل دون إذن علامة تجارية مطابقة أو مشابهة للعلامة التجارية المسجلة بصورة قانونية”
إن الغـــش التجـــاري يقوم على الخداع، ويكون الخداع فـــي المنتج بوصفه أو عرضه أو تســـويقه بمعلومـــات كاذبـــة أو خادعـــة أو مضللة بما يخالف حقيقتـــه فالغش التجـــاري هـــو أمـــر غير قانوني ويتســـم بالخـــداع والمكر ويؤدي إلـــى الحصول على حقّ غير مشـــروع، وهو في مضمونه انتهاج أي وســـيلة بغرض الربح ويصبح مماثًل للاختلاس، الســـرقة، التزوير واستغال غفلة الآخرين
إن ظاهـــرة الغـــش التجـــاري هي ظاهرة عالميـــة ومعظم الدول تعمـــل على تفعيل أجهزتهـــا الإدارية والرقابيـــة للتخلص منها لم لها من تأثير سلبي كبير علـــى القطـــاع الاقتصادي فـــي الـــدول، إذ يؤدي هـــذا الأمر إلـــى زعزعة ثقة المســـتهلك بالعلامة التجارية، مما يســـبب انخفاض معدلات القوة الشـــرائية بالنســـبة للمنتج المغشوش
و بهذا فإن الدوائر المحلية في كافة الامارات تعمل بجهد كبير وفعـــال باتخاذ التدابيـــر اللازمة لمكافحـــة الغش التجاري ونشـــر الوعـــي الاستهلاكي وثقافـــة المنافســـة فـــي قطـــاع الأعمال بيـــن أفراد المجتمـــع وذلـــك لتعزيـــز السياســـة الاقتصادية لدولة الإمارات
وعليه فصدور وتفعيل القوانين الإماراتية المخصصة في الأعمال التجارية تضبط السوق وتحافظ على المنتجات من التعرض لأي غش أو تلاعب في مكوناتها، أن غش المواد الغذائية يعرض صاحب الفعل وفقا للقوانين إلى السجن لمدة عامين وغرامة تصل إلى مليون درهم حيث نصت المادة 19 على انه “مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر، يعاقب بالغرامة التي لا تزيد على 50 ألف درهم كل من يخالف أي حكم آخر من أحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذاً له”
كما تنص المادة 423 من قانون العقوبات الاتحادي على أنه يعاقب بالحبس أو الغرامة أو بإحدى العقوبتين كل من غش متعاقداً معه في حقيقة بضاعة أو طبيعتها أو صفتها الجوهرية أو العناصر الداخلة في تركيبها أو نوع البضاعة أو مصدرها في الأحوال التي تعتبر فيها بذلك سبباً أساسياً في التعاقد أو في عدد البضاعة أو مقدارها أو قيمتها أو قياسها أو كليهما أو وزنها أو في ذاتية البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه
أن القانون في شأن مكافحة الغش التجاري رقم 19 لسنة 2016 نص على أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين، وبالغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اقترف جريمة الغش التجاري أو شرع فيها متى كان محلها أغذية للإنسان أو الحيوان أو عقاقير طبية أو حاصلات زراعية أو منتجات غذائية عضوية”
كما أن القانون يعاقب على الغش “بشكل عام” بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبالغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف درهم ولا تزيد على مئتين وخمسين ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين
كما أن محاولة الغش بحد ذاتها تعرض أي تاجر إلى عقوبة السجن لمدة لا تجاوز العام وبالغرامة التي لا تقل عن 10 آلاف درهم ولا تزيد على 100 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين
وتفعيلا للقانون الخاص بمكافحة الغش التجاري صدرت اللائحة التنفيذية رقم (11) لسنة 2020 للقانون الاتحادي رقم (19) لسنة2016 بشأن مكافحة الغش التجاري بهدف إيجاد آلية اتحادية موحدة للتعامل مع حالات الغش التجاري في مختلف إمارات الدولة، وتسريع البت في قضايا الغش التجاري، بالإضافة إلى تحديد آلية واضحة للتصرف في المنتجات المخالفة للقانون بإعادة التصدير أو الإتلاف أو التدوير لتلك السلع إن أمكن مع تحمل التاجر لتلك النفقات
كما تتضمن أحكاما بخصوص إجراءات السلطة المختصة للكشف على السلع المغشوشة والفاسدة، وسحب السلع المغشوشة من الأسواق وكيفية التصرف فيها، كما تم وضع ضوابط خاصة لإتلاف تلك السلع المقلدة أو الفاسدة والذي يجب أن يتم تحت اشراف اللجنة الفرعية بموجب عدة ضوابط من أهمها وجود أمر قضائي صادر بهذا الشأن مع مراعاة أن يتم اتلاف تلك السلع بشكل لا يمكن معه مرة أخرة استهلاكها
كما تناولت اللائحة التنفيذية الإجراءات المتبعة في توجيه الإنذارات إلى التجار أو المنشأة المخالفة من خلال وضع اليات خاصة مع تقنين أليات لإجراءات الصلح أمام اللجان الفرعية في حال ثبوت المخالفة بحق التاجر/المنشأة المخالفة