
إضاءات الأعمال
في خطوة أرسلت موجات صادمة عبر المشهد الاقتصادي العالمي ، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في 2 أبريل 2025 ، عن سياسة تعريفة جمركية شاملة تهدف إلى تصحيح الاختلالات التجارية وتأكيد السيادة الاقتصادية لها. محور هذه السياسة هو فرض تعريفة جمركية عالمية بنسبة 10٪ على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة ، مع فرض تعريفات أكثر حدة على بعض البلدان التي تعتبر لديها فوائض تجارية مفرطة مع الولايات المتحدة كالصين مثلا التي تم رفع التعريفة الجمركية عليها بنسبة 34%. وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة من بين الدول التي تم فرض رسوما ثابتة بنسبة 10٪ على صادراتها إلى السوق الأمريكية.
ومن المتوقع أن يرتفع متوسط معدل التعريفة الجمركية في الولايات المتحدة إلى مستويات لم تشهدها منذ أوائل القرن العشرين ، ليصل إلى نحو 22٪.
التداعيات الاقتصادية العالمية
تمثل التعريفات الجمركية توجها واضحا نحو الحمائية في السياسة التجارية الأمريكية، مما عمق المخاوف بشأن التداعيات المحتملة لمثل هذا التوجه والتي منها: ارتفاع الأسعار للمستهلكين الأمريكيين ، والضغوط التضخمية ، واحتمال اتخاذ إجراءات انتقامية من الشركاء التجاريين المتأثرين.
ان انتشار الحمائية التجارية سوف يترك أثارا عميقة على الأداء الاقتصادي العالمي، حيث يتوقع تراجع معدلات نمو التبادل التجاري، ومن ثم تراجع معدلات النمو الاقتصادي في كافة الدول ، مما قد يؤدي الى تراجع معدلات التنمية ومستوى الرفاه الاقتصادي العالمي.
التأثير على اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة
قد تواجه دولة الإمارات العربية المتحدة، كدولة تجارية رئيسية ذات علاقات عالمية متنوعة، تحديات فورية في المدى القصير، ولكن تحمل هذه الخطوة أيضاً فرصا محتملة تستطيع الدولة الاستفادة منها. يمكن أن تؤثر التعريفة الجمركية بنسبة 10٪ على صادرات الإمارات العربية المتحدة إلى الولايات المتحدة على القدرة التنافسية، خاصة بالنسبة للقطاعات ذات الانكشاف الأمريكي بشكل كبير مثل الألمنيوم والبتروكيماويات والتصنيع عالي القيمة.
ومع ذلك، فإن الإمارات العربية المتحدة أنشأت بشكل استباقي إطارا قويا للتجارة الدولية من خلال اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، فقد وقعت الإمارات العربية المتحدة نحو 26 اتفاقية شراكة عالمية مع دول في جميع أنحاء آسيا وإفريقيا وأوروبا ، بهدف تبسيط الإجراءات الجمركية وإلغاء التعريفات الجمركية وتسهيل الوصول إلى الأسواق بشكل أفضل. يعد هذا التنويع التجاري الواسع عنصراً رئيسيا ضد الاعتماد المفرط على السوق الأمريكية.
كيف يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة أن تستفيد
في حين ينظر إلى زيادة الرسوم الجمركية بشكل عام على أنها رياح معاكسة للاقتصاد العالمي، يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة، وخاصة النظام البيئي للأعمال، أن تحقق العديد من المزايا الاستراتيجية:
• تنويع التجارة: من خلال الاستفادة من شبكة الاتفاقيات التجارية الجديدة وعلاقات مجلس التعاون الخليجي، يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة تعميق العلاقات التجارية مع آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، حيث يتزايد الطلب وتقلص الحواجز التجارية.
• جذب الاستثمار الأجنبي: إن بيئة الأعمال المستقرة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وسياسات التجارة الحرة، والموقع الجغرافي الاستراتيجي تجعلها مركزا جذابا للمستثمرين الذين يسعون إلى تجاوز الاضطرابات التجارية المرتبطة بالولايات المتحدة.
• الابتكار والتصنيع ذي القيمة المضافة: تتحول الشركات الإماراتية، وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة، بشكل متزايد نحو السلع والخدمات عالية القيمة. من خلال التركيز على الجودة والعلامات التجارية والتكنولوجيا ، مما سوف يمكنهم من تقليل الاعتماد على نماذج التصدير منخفضة التكلفة، ومن ثم تصبح أقل عرضة للتعريفات الجمركية.
• تفعيل دور المناطق الحرة: توفر مناطق التجارة الحرة في دولة الإمارات العربية المتحدة إعفاءات ضريبية و تقدم خدمات لوجستية ميسرة، مما يوفر للشركات الصغيرة والمتوسطة ميزة تنافسية في التجارة الإقليمية والدولية.
في حين أن التعريفات الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة جلبت حالة من عدم اليقين إلى الأسواق العالمية، فإن الإمارات العربية المتحدة في وضع جيد لمواجهة هذا التحدي، وربما تملك فرصة للتطور والازدهار. ويمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة في الدولة، المدعومة بالتشريعات المناسبة وأجندة التجارة المنفتحة على العالم، الاستفادة من هذا التحول من خلال تنويع الأسواق وتعزيز الابتكار والاستفادة من الدعم الحكومي. من خلال الحفاظ على المرونة والاستراتيجية، يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة تحويل هذا التحدي التجاري العالمي إلى فرصة للمرونة الاقتصادية والنمو على المدى الطويل.