بتاريخ 30/10/2023م،
أرست الهيئة العامة بمحكمة النقض في أبو ظبي مؤخراً مبداً قضائياً بشأن التمييز بين عقود الإيجار التي تخضع المنازعات المتعلقة بها للجان فض المنازعات الإيجارية وعقود الاستثمار التي تخضع المنازعات بشأنها للمحاكم التجارية في إمارة أبو ظبي.
بتاريخ 02 يناير 2023 صدر امرسوم بقانون اتحادي رقم 50 لسنة 2022 بإصدار قانون المعاملات التجارية الذي أدخل تعديلات مهمة على تعريف الأعمال التجارية ومنها مانصت عليه المادة رقم (6) من ذات القانون على انه ” تعد الأعمال التالية أعمالاً تجارية إذا كانت مزاولتها عل وجه الإحتراف:-
15- تأجيرأو استئجار المنازل والشقق والغرف مؤثثة أو غير مؤثثة بقصد إعادة تاجيرها”
ونزولاً على ما نصت عليه المادة (4) من قرار سمو رئيس دائرة القضاء رقم (28) لسنة 2019 بشأن إنشاء محكمة ابوظبي التجارية من انه ” تختص المحكمة بالنظر في الدعاوى المتعلقة بالأعمال التجارية ولو كان العمل تجارياً بالنسبة لأحد الطرفين ومدنياً بالنسبة للطرف الأخر“
إلا أنه عند إسقاط مقتضيات هذا المفهوم على بعض المنازعات حصل ما يوحي بوجود شبهة تعارض فيما يخص معيار تمييز العقدين (الإيجار والإستثمار) بشأن إختصاص أى من المحاكم لنظر المنازعات الناشئة عنها . إذ صدر حكماً بتاريخ 26/7/2023 في الطعن رقم 39 لسنة 2023 نقض ايجارات قرر مبدأ قضائياً مفاده أن عقد الإيجار الذي يكون محله مبان قائمة لايعتبر عقد إستثمار وذلك دون ان يقوم ببحث مدى اتجاه نية طرفيه الى مجرد الإستعمال العيني الشخصى للأعيان المؤجرة، أو اتجاه هذه النية إلى استهداف الإستثمار سعياً لتحقيق الربح وانتهى الى اختصاص اللجان الإيجارية للفصل في المنازعات المثاره بشأنه.
في حين اعتبر الحكم الصادر بتاريخ 23/8/2023 في الطعن رقم 42 لسنة 2023 نقض ايجارات ” أن عقد الإيجار – محل النزاع – وإن كان ينصب على مبان قائمة إلا ان ذلك لاينزع عنه طابع العقد الإستثماري على اعتبار ان نية طرفيه اتجهت الى الإستثمار في الأعيان المؤجرة سعياً لتحقيق الربح، وخلص الى اختصاص القضاء التجاري بنظر هذا النزاع،
ورفعاً لشبه التعارض القائم بين المبداين المذكورين كان هذا الطلب بتوحيد المبدأ القانوني وإقرار المبدأ القضائي بموجب قرار محكمة النقض في أبو ظبي في الطلب رقم 3،
والذي مفاده أن عقد الإيجار المحكوم بالقانون رقم 20 لسنة 2006 والأحكام القانونية ذات الصلة يقتضي أن يكون “إنتفاع المستأجر بالعين محل عقد الإيجار بنفسه مقصوداً بذاته”. وهذا العقد يغاير – في طبيعته والقواعد القانونية الشكلية والموضوعية التي تحكمه – عقد الاستثمار المبرم بين المالك والمستثمر والذي يقوم فيه المستثمر على سبيل الإحتراف باستغلال العقارات بالحالة التي عليها:
-بإعادة تأجير وحداتها للغير بهدف تحقيق ربح مادي، أو
-بإنشاء مباني عليها على حسابه الخاص، أو
-تعديل أو إضافة منشآت للمباني القائمة واستثمارها من خلال إعادة تأجير وحداتها،
وذلك كله بهدف تحقيق الربح وهو ما يعد عملا تجارياً وفقاً للمادة السادسة من قانون المعاملات التجارية”.
وبالتالي ينعقد الاختصاص بنظر الدعاوي المتعلقة بعقد الاستثمار للمحكمة التجارية.