تحديث قانوني
صدر عن مكتب أبو ظبي التنفيذي مؤخراً التعميم رقم (2) لسنة 2024 بشأن دليل السياسة العامة في إمارة أبو ظبي، وقد تم التقديم لهذا التعميم بما يلي
” حرصاً على توحيد مفهوم السياسة العامة لدى الجهات الحكومية وتحديد نطاقها ووضع إطار تنظيمي لإعداد وتقييم أدوات تنفيذها والتأكد من اتفاق هذه الأدوات مع رؤية واستراتيجية الحكومة، وبناء على موافقة لجنة الشؤون الحكومية فإنها تهيب بكم ضرورة الالتزام بدليل السياسة العامة المرفق.. “
وقد ألغى التعميم الحالي التعميم السابق رقم (2) لسنة 2021 بشأن الإطار التنظيمي للسياسات العامة في إمارة أبو ظبي.
يتناول الدليل بصورة مفصلة متدرجة ومنطقية خطوات إعداد السياسات العامة بدءاً من تحديد المشكلة أو التحدي الواجب التعامل معه، وانتهاءً بعميلة التقييم الشامل للمخرجات والنتائج التي أفضت إليها السياسة.
وأن كان الدليل الحالي يتشابه مع الدليل المُلغى لجهة تناول ذات الطروحات والأفكار والخطوات، إلا أن الدليل الحالي يمتاز بلغته البسيطة الواضحة، ويُلحظ فيه استخدام فقرات مختصرة في شرحه لبعض الخطوات لا سيما (مرحلة التقييم الكمي للخيارات – مرحلة التنفيذ) .
وبصورة عامة قدم الدليل رؤية محدَّثة وأدوات جديدة، سيكون لها أثراً إيجابياً في مساعدة صناع السياسات العامة على إعداد سياسات ناضجة ومدروسة بعناية.
وفيما يلي إحاطة موجزة بأبرز ما تضمنه الدليل:
إن وضع سياسات عامة فعالة هو عملية منظمة تتضمن عدة خطوات رئيسية لضمان أن تكون السياسات مستنيرة وممكنة ومتوافقة مع المصلحة العامة.
تناول الجزء الأول من الدليل نبذة عامة عن مفهوم السياسة العامة وأدواتها، حيث تم تعريف السياسة العامة على أنها: ” مجموعو من القواعد أو المبادئ التوجيهية التي تصدر عن الجهة الحكومية في إطار تفعيل الاختصاصات والصلاحيات المسندة اليها بموجب التشريع المنشئ أو المنظم لعملها وتهدف إلى حل مشكلة، أو انتهاز فرصة، أو تنفيذ رؤية، أو استراتيجية حددتها الحكومة مع بيان الطرق التي سيتم اعتمادها في سبيل ذلك “.
تناول الجزء الثاني من الدليل الخطوات الارشادية التفصيلية التي تنطوي عليها عملية إعداد السياسة العامة، وهي على سبيل التحديد أربع خطوات أساسية تتفرع إلى مراحل تفصيلية، تساعد في مجموعها على ضمان إعداد سياسة قائمة على أسس ومرجعيات موضوعية وعلى أهداف واضحة محددة بدقة، وسوف يتم عرض هذه الخطوات بما أمكن من تفصيل.
أولاً- إعداد جدول أعمال:
في هذه المرحلة من مراحل إعداد السياسة يتم تشخيص المشكلة / التحدي الذي تستهدف السياسة العامة التعامل معه. وتشخيص المشكلة يعني تحديد طبيعتها وحجمها والدوافع الكامنة وراء نشوئها، ومدى الحاجة إلى المبادرة الحكومية لمعالجتها.
ولفهم طبيعة التحدي لابد من تحديد مدى أهمية المشكلة فيما إذا كانت حرجة، أم متوسطة الأهمية، أم أنها ذات أهمية متدنية. ويكون ذلك من خلال معرفة الفئات المتأثرة بالمشكلة، وكيفية التأثير، وما الأسباب التي تؤدي إلى ظهور المشكلة، والمكان المرجح لحدوث المشكلة، ومن هم أصحاب المصلحة المتوجب اشراكهم في المناقشات حول طبيعة وطرق معالجة المشكلة.
يتطلب تشخيص المشكلة أيضاً معرفة حجمها ومدى تأثيرها وعوامل نشوئها، وذلك من خلال البيانات والمعطيات الإحصائية المتوفرة.
وفي هذه المرحلة لابد من إجراء تحليل عميق لمعرفة دلالات الأرقام الإحصائية، ولابد أيضا في هذا السياق من تقديم المبررات الكافية للتدخل الحكومي، وتقدير مدى الحاجة لوجود مبادرة حكومية لمعالجة التحدي/ المشكلة، ويتطلب ذلك الإجابة على جملة أسئلة في هذا الشأن مثل:
• هل هناك أساس قانوني لتدخل حكومي؟
• هل حجم المشكلة يستدعي تدخلاً حكومياً؟
• هل مجال المبادرة يقع ضمن الاختصاص الحصري للجهة الحكومية المعنية؟
• هل هناك مبررات اقتصادية، أو تنظيمية، أو اجتماعية، أو بيئية يمكن أن تكون اساساً لمبادرة حكومية؟
تنتهي هذه المرحلة بتحديد أهداف المبادرة أو السياسة العامة، ويجب ان يتم اختيار هذه الأهداف بعناية ضمن معايير معينة أهمها:
1. التوافق مع الاستراتيجية العامة
2.اشراك أصحاب المصلحة
3.ان تكون الأهداف محددة – قابلة للقياس – قابلة للتحقق وان تكون متاحة زمنياً.
ثانياً – تقييم التأثير والتصميم:
في هذه المرحلة ينبغي البحث عن أفضل الوسائل والطرق الممكنة للتعامل مع المشكلة / التحدي، ويكون ذلك من خلال تحديد مجموعة من الخيارات وإجراء تقييم شامل ودقيق لمعرفة أكثرها ملاءمةً، وذلك استناداً إلى المعايير التالية:
1.الملائمة الاستراتيجية.
2.الجدوى.
3.التأثير الاجتماعي والاقتصادي
تختلف الخيارات المتاحة لمعالجة المشكلة بحسب طبيعتها، حيث يمكن تقسيمها الى خيارات تنظيمية تتضمن بشكل خاص (القوانين – الأنظمة – اللوائح …)، وخيارات غير تنظيمية قد تكون ذات طبيعة مالية أو توعوية.
في سياق تقييم الخيارات المتاحة، فإنه يتم اللجوء إلى الدراسات المرجعية، ودراسات التجارب المماثلة في دول أخرى، وأيضاً إلى آليات العلم السلوكي. جميع هذه الأدوات تعد مفيدة في عملية تحديد الخيارات الأكثر ملاءمة ما يساعد في إعداد التصميم العام للسياسة.
من المهم في هذه المرحلة إشراك جميع أصحاب المصلحة في عملية تقييم الخيارات المتاحة، والتأكد من مدى انسجام هذه الخيارات مع توجهاتهم واختصاصاتهم ورؤيتهم بعيدة المدى.
قد لا يكون التقييم النوعي كافياً لتحديد قائمة الخيارات، وهنا لا بد من إجراء تحليل كمي، ويكون ذلك من خلال إنشاء قائمة بالتأثيرات المحتملة ثم ترتيبها من حيث الأهمية، لأجل التركيز عليها في عملية التحليل.
ويكون التحليل من خلال تحديد مؤشرات القياس المناسبة ومن ثم توثيق النتائج.
تركز نتائج التحليل عادة على: حجم التأثير، القطاعات المتأثرة، عدد الأشخاص المتأثرين، عدد المناطق المتأثرة، مدة الـتأثير.
بعد إجراء عمليات التقييم النوعي والكمي وتقليص قائمة الخيارات يجب الشروع في بناء التصميم التفصيلي للسياسة. وفي هذه المرحلة يتم اختيار الأداة الفضلى لتنفيذ السياسة (تنظيمية – غير تنظيمية)، واستكمال خطة التنفيذ النهائية، ووضع خطة المراقبة والتقييم.
تتضمن هذه المرحلة ايضاً تحديد اهداف السياسة، مؤشرات الأداء، معدل تواتر وتكرار جمع المعلومات، والجمهور المستهدف.
ولإكمال التصميم النهائي لابد من بيان مراحل الإنجاز، الإطار الزمني للسياسة، والصلات التبادلية مع أصحاب المصلحة.
وفي النهاية لابد من تحديد الجهات المسؤولة عن تنفيذ السياسة، وآليات المساءلة المرتبطة بها، والجهات التي ستقدم المشورة وتلك المسؤولة عن إعداد التقارير.
ثالثاً: مرحلة التنفيذ
هي من أهم مراحل دورة حياة السياسة العامة، حيث سيتم وضع السياسة موضع التطبيق الفعلي، واختبار مدى صحة التوجهات، ومدى فاعلية أداة السياسة التي تم تبنيها.
تبدأ عملية التنفيذ بالأعمال التحضيرية التي تتضمن التواصل مع أصحاب المصلحة، وإطلاق عملية توعية وتعريف بالسياسة / المبادرة، وكذلك حوكمة أداء السياسة، والتأكيد على متطلبات التنفيذ.
بعد ذلك يتم إطلاق المبادرة وفي هذه المرحلة يجب التأكد من وجود خطط مناسبة لإدارة المخاطر ومراقبة الأداء ورفع التقارير.
رابعاً: المراقبة التقييم
وهي آخر مراحل دورة حياة السياسة العامة، حيث تتم مراقبة أداء السياسة، وتتبع تأثيراتها، ومن ثم تقييم النتائج وتحليلها من خلال البيانات التي تم الحصول عليها من عملية المراقبة.
يؤكد الدليل على أهمية مرحلة تقييم السياسة، وذلك لغايات التعلم والدروس المستفادة، وكذلك لأجل تفعيل مبدأ المساءلة حيث يتم اختبار مدى فعالية السياسة وكفاءة الأداة التي تم اختيارها وتقييم التأثيرات، والمقارنة مع التوقعات ونتائج التحليل السابقة.
تتطلب عملية التقييم اعداد خطط واضحة لجمع البيانات سواءً كانت نوعية أم كمية، لاستخدام تلك البيانات بعد تحليلها في عملة التقييم الشاملة للسياسة.
تتطلب عملية التقييم الفعالة:
•عملية فحص لقاعدة الأدلة المتوفرة.
•تحديد الغرض من التقييم (تأثير المبادرة على الجمهور، تحديد المخاطر، قياس التقدم الذي تم إحرازه، التأثير على عملية صنع القرار مستقبلاً)
تنتهي عملية التقييم، بحسب الدليل، بنشر النتائج وإخطار أصحاب المصلحة أو الجمهور إذا كان ذلك مناسباً بنتائج التقييم للاستفادة منها والبناء عليها.
إن توحيد آليات وضوابط صنع السياسات العامة من شانه ان يخلق انسجاماً وتجانساً بين جميع الجهات العامة في إمارة أبو ظبي، ويضمن بأن تكون السياسات العامة متوائمة مع الرؤية الاستراتيجية للإمارة.